روايات شيقه

رواية سر غائب الفصل الحادي عشر

وقف أمير يضع يده بجيبه ينظر لذلك الذى يحدثه يشمله بنظراته قائلا بثقة تجلت فى كل حرف ينطقه كأنه يلقى عليهم خبر هام:
– أنا أمير الصواف إبن السفير فهمى الصواف وصاحب شركات الصواف جروب وجاى هنا مع خطيبتى الانسة ثراء جمال الرافعى
التفت اليه ثراء تنظر اليه بعيون جاحظة على ما تفوه به للتو فبماذا يهذى هذا المعتوه الآن ؟ قابل نظرتها له بابتسامة عريضة شقت شفتيه باتساع فسمعت ثراء صوت الطلاب يتهامسون فيما بينهم وأيضا صوت المحاضر
– اه اهلا وسهلا تشرفنا مبروك يا ثراء بس حضرتك ممنوع تستنى هنا ممكن تستناها برا على ما تخلص المحاضرة
ترك أمير مكانه فنظر اليها قبل ان يخرج قائلا:
– ثراء انا مستنيكى برا على ما تخلصى المحاضرة باى متتأخريش بقى
لوح لها بيده وثراء تتمنى ان تختفى من المكان فهى ترى الطلاب ينظرون اليها كأنها فعلت شئ مشين فلو بيدها الآن كانت خرجت خلف ذلك المعتوه تصفعه على وجهه فما ذلك التصريح الغبى الذى القاه الآن فحتى ضحى تنظر اليها بتعجب ،بدأت المحاضرة لم تسمع ثراء كلمة واحدة مما قالت فكل ما يدور بذهنها الآن ذلك الخبر المدوى الذى القاه هذا الأمير قبل خروجه فكم تود الآن ان تخرج إليه تنفث فيه جام غضبها ونفورها من مطاردته لها بهذه الطريقة الفجة،أنتهت المحاضرة خرجت ثراء وضحى وجدته ينتظرها اقبل عليها مسرعاً فنظرت اليه بغضب قائلة:
– أنت ايه حكايتك بقى وايه الكلام الغبى اللى قولته جوا ده هى مين دى اللى خطيبتك أنت أهبل انت مش عارف انا ممكن اوديك فى داهية لا يهمنى انت مين ولا ابن مين
فابتسم أمير لها قائلا بدون اى مقدمات:
– أنا بحبك يا ثراء
ربما صدمتها بسماع تلك الكلمة فاقت صدمتها بزعمه انها خطيبته ،فهو يبدو عليه أنه شخص وقح لايخجل مما يفعل ظناً منه ان ماله يخوله فعل ما يريد بدون ان يعارضه احد ولكنه ربما تناسى انها أيضاً من عائلة ذات ماض عريق عائلة ربما تعتبر من أكثر العائلات المصرية ثراءا وغنى فهى ليست تلك الفتاة الضعيفة التى ستقبل بتصرفه مثلما قرأت فى بعض الروايات عن تلك الفتاة التى يطاردها الشاب الثرى وهى ضعيفة لا تستطيع الدافع عن نفسها وترضخ له بالاخير
تصنمت ملامح ثراء وضحى وظلت كل منهن جاحظة العينين كأنهن ينظرن فى الفراغ فأبتسم أمير على ما أصابهن فهتف قائلا:
– إيه مش هتقوليلى بحبك زى ما قولتلك أن بحبك يا ثراء
ربما هذا اليوم يوم حظها السيئ فهى رأت أيسر يقف خلف أمير يستمع لما يقوله،فتقابلت عينيها بعينيه فى حوار صامت كأنه يريد ان يعرف ماذا يحدث هنا او ماذا فاته فخرج عن صمته بالاخير:
– أنسة ثراء حضرتك خلصتى نمشى ولا لسه حضرتك قاعدة هنا شوية
التفت اليه أمير ينظر اليه بتجهم قائلا بحدة:
– أنت يا بنى أدم أنت مش شايفها واقفة معايا يلا أمشى ولما تحب تروح هتبقى تناديك يلا
أشار اليه أمير اليه بالانصراف كأنه شئ مهمل يود التخلص منه الا انه شعر بصفعة قوية تلقاها على وجهه جعلته يكف عن الكلام فاتسعت حدقتيه وهو يرى ثراء تنظر اليه وصدرها يعلو ويهبط من فرط حنقها من عجرفته قائلة:
– أنت بتكلمه كده ليه ها ما تحترم نفسك بقى شوية انت مفكر نفسك ايه علشان عندك شوية فلوس هتدوس على الناس انا مسمحلكش توجه له اى كلمة انت فاهم ومش عايزة أشوف وشك ده تانى والا المرة الجاية مضمنش انا ممكن اعمل فيك ايه لو سمعتك بتهينه كده تانى يلا بينا يا ضحى يلا يا أيسر
أنصرفت ثراء من أمامه برفقة صديقتها وأيسر وأمير مازال واقفاً مكانه واضعاً يده على وجنته لايعلم ماذا يفعل؟ فهو حقا لا يعلم ما شعوره الآن هل يشعر بالغضب بالخنق بالاستياء أم يشعر بالتحدى انه وجد فتاة تجابه كبرياءه اللعين الذى انغرس بطباعه منذ كان طفل صغير ،فكثرة علاقاته النسائية أيقنت له أن لايوجد فتاة بإمكانها رفضه فهو الذى اعتاد ان يرفض قرب أى فتاة منه اذا سأم هو من مواعداتها..!!!
_____
ذهبت فايزة إلى شقة شقيقها التى كانت فى السابق شقة والدايها لتخبره بعدم موافقة زوجها على زواجه من ابنته
فظل أشرف يدور حوله نفسه لايصدق ان زوج شقيقته قد رفض اقترانه بابنته فأردف حانقا:
– يعنى ايه يا فايزة مش هتجوز ضحى
نظرت اليه فايزة تهز كتفيها بقلة حيلة قائلة:
– اعمل ايه بس يا أشرف كلمت منير وهو قافل دماغه زى بنته ورافضك
ضرب اشرف طرف المقعد بقبضة يدة مردفاً:
– رافضنى ليه ان شاء الله هيلاقى عريس احسن منى لبنته والله منير كمان بقى له صوت وبيتكلم دا انا كنت هعيشها فى هنا وعز مشفتوش
سرحت فايزة بخيالها عندما تذكرت مافعله بها منير وتلك القوة التى أتته فجأة ليتحداها حتى وان كانت ستكشف ذلك السر الذى حافظ على كتمانه طوال تلك السنوات الماضية ،نظر اليه أشرف وجدها شاردة فنادى عليها :
– ايه روحتى فين انتى كمان يا فايزة انتى نمتى ولا سرحتى بخيالك ولا بتحلمى ولا ايه حكايتك انتى كمان
لوح اشرف بيده امام وجه شقيقته ليجعلها تنتبه له
فردت عليه فايزة قائلة:
–ايه يا أشرف فى ايه بفكر فى حل للموضوع بتاعك ده
رفع اشرف سبابته فى وجه شقيقته يستحثها على ضرورة اتمام تلك الزيجة قائلا:
– شوفى يا فايزة الجوازة دى لازم تتم مفهوم وضحى هتبقى بتاعتى حتى لو من غير جواز مفهوم ولا مش مفهوم
نظرت اليه فايزة بمكر وبابتسامة شيطانية، تلتمع عيناها كأنها وجدت الحل الوحيد الذى سيمكنه من زواجه بضحى
– تسلم افكارك يا أشرف أنا دلوقتى عرفت ازاى منير وضحى هيبوسوا ايدك علشان تتجوزها
نظر اليها اشرف بأمل قائلا:
– ازاى يا فايزة قوليلى يلا ايه الخطة اللى فى دماغك
أردفت فايزة بهدوء وثقة:
– أنك تعملها فضيحة يا أشرف وتخلى سمعتها فى الطين وتكسر مناخيرها
نظر اليها أشرف بعدم فهم مردفاً:
– أنتى قصدك ايه يا فايزة أنتى عيزانى أغتصبها وأروح فى داهية
هزت فايزة رأسها نفيا قائلة:
– تغتصبها ايه أنت كمان انا قصدى ان فى يوم كده منكنش انا ومنير فى البيت والبت ضحى تكون لوحدها تروحلها أنت وتعمل نفسك هتتهجم عليها وارجع انا وأبوها ونشوفكم مع بعض وساعتها انا اعمل الشويتين بتوعى واقوله ان بنته كانت بتكلمك وتجيلها واحنا مش موجودين وساعتها هيخافوا من الفضيحة وهيوفقوا على الجوازة ورجليهم فوق رقبتهم
صفق لها أشرف بحرارة قائلا:
– تسلم افكارك يابنت ابويا دا أنتى غلبتى إبليس
ضحت فايزة بصوت عالى مردفة:
– أنت عارف أختك على العموم انا هقولك على الوقت المناسب اللى تنفذ فيه الخطة بس ايدك دلوقتى على ألفين جنية حلاوة الفكرة
أجابها اشرف قائلا:
– بس كده من العين دى قبل العين دى ويوم مايتم المراد واتجوزها ليكى عندى ٢٠ ألف جنية حلاوة الجواز
سال لعاب فايزة بعد سماع شقيقها يمنيها بإعطاءها مبلغ من المال نظير زواجه فهتفت مصطنعة الضيق قائلة:
– ايه ٢٠ ألف بس يا أشرف انا قولت هتدينى ٥٠ ألف ولا مستخسرهم فيا يعنى هو أنت بتكسب شوية
ربت أشرف على يد شقيقته مردفاً:
– خلاص يا ستى هديكى ال٥٠ ألف بس الجوازة دى تتم
هبت فايزة واقفة تريد الانصراف والعودة الى منزل زوجها بعد ان أخذت من شقيقها المال،أغلق أشرف الباب خلفها وعاد ليجلس مكانه يفكر فى ما قالته شقيقته ويستحسن ما سمعه حتى وصل به الأمر إلى الإصرار اذا لم ترتجع ضحى عن رفضها ربما سيجعلها له حتى وان كان سيصل به الأمر إلى انتهاك حرمة جسدها ..!!!
_______
دلفت ميرا الى غرفة شقيقها بعد ان طرقت باب الغرفة وجدته يقف أمام المرآة يمشط شعره يرتدى ثياب أنيقة فتسالت فى قرارة نفسها فإلى أين ذاهبا هو الآن ؟
– أنت خارج ولا ايه يا شهاب
وضع شهاب فرشاة الشعر من يده قائلا:
– ايوة خارج يا ميرا كنتى عايزة حاجة
جلست ميرا على حافة فراشه قائلة:
– أنت ايه حكايتك بقيت تخرج كتير اليومين دول دى مش عوايدك يعنى انت كنت بترجع من الشركة تفضل فى البيت بس بقالك فترة كده كل يوم خروج ومبقتش تقعد معانا زى الأول
رفع شهاب قنينة عطره ينثر منها على ملابسه
– هو حرام أخرج يعنى يا ميرا ثم انا خارج فى شغل هكون رايح فين يعنى
اغلقت ميرا احدى عينيها تبتسم بخبث قائلة:
– شغل اه قولتلى بقى وهو الشغل كل يوم كل يوم كده هتتعب يا شهاب صحتك
التفت اليها شهاب يزجرها بغضب طفيف:
– أنتى تقصدى ايه بكلامك ده يا ميرا بتلمحى لايه ها قولى
خشي شهاب ان تكون ميرا على علم بما يحدث معه فى تلك الآونة الأخيرة منذ قابل سيرين ،فهو يخشى افتضاح أمره الا انه رأى لن تكون معرفة ميرا بالضرر البالغ فهو يخشى من معرفة والده بأمره
وقفت ميرا امامه مدت يدها تعدل من ياقة قميصه قائلة:
– هى اسمها ايه وتبقى مين يا شهاب قول سرك في بير انا اختك برضه وأنت عارف انا مش فتانة
تنهد شهاب بحالمية مردفاً:
– سيرين نصار تعرفيها يا ميرا
فكرت ميرا قليلا تحاول ان تتذكر صاحبة الاسم فصاحت قائلة:
– أنت قصدك سيرين نصار الممثلة هى دى يا شهاب
هز شهاب رأسه بالموافقة مبتسماً:
– ايوة هى بس ايه رأيك فيها
فغرت ميرا فاها وهم لم تعى ما قاله شقيقها فهتفت بصوت اقرب للصدمة:
– شهاب انت اتجننت بتحب واحدة أكبر منك وكمان احنا منعرفش عنها حاجة انت مش شايف ادوارها فى افلامها عاملة ازاى دى ادوارها جريئة وحاجة قرف
امتعض شهاب من حديث شقيقته عن سيرين فهتف بحدة:
– ايه اللى أنتى بتقوليه ده يا ميرا دا جزائى ان قولتلك على كل حاجة
هتفت به ميرا بحدة مماثلة:
– ياريتك ما قولتلى يا شهاب كان يبقى أحسن يعنى أنت رفضت ترتبط بثراء وهى تبقى بنت عمنا وعارفينا ودلوقتى بتبص لوحدة أكبر منك فى السن
اولاها شهاب ظهره ينظر فى المرآة قائلا:
– أنتى عارفة انا وثراء مفيش ما بينا تفاهم ثم انا شايفها زى كده اختى ومش عارف اشوفها من أى منظور تانى ولا أتخيل انها تبقى مراتى والا هتبقى جوازة تعيسة مش كفاية اللى احنا بنشوفه بين بابا وماما ولا انتى مش واخدة بالك ولا تلاقيكى عاملة مش فاهمة طالما انتى عايشة فى عالم لوحدك وبيجيلك كل اللى انتى عيزاه
عجزت ميرا عن الرد على أخيها فهى لم تعد طفلة صغيرة حتى لا تعلم مايدور بين والدايها من مشاحنات بسبب ان كل منهم يعيش بعالم خاص به ،فربما شهاب محق ان يرفض زيجة يخشى ان تتحول مع مرور الأيام الى كارثة بسبب عدم توافق المعيشة بينه وبين من ستصبح زوجته
نظر إليها شهاب وجدها شاردة فأكمل حديثه قائلا:
– ها ساكتة ليه يا ميرا علشان عرفتى ان انا عندى حق فى اللى قولته مش كده
هزت ميرا رأسها موافقة مردفة:
– عندك حق يا شهاب بس ليه ما تختارش بنت تناسبك تناسب سنك وتناسب وضعك الاجتماعى
– يعنى انتى شيفانى يا ميرا واخد المأذون ورايح اتجوزها دلوقتى دا انا لسه مقابلها من فترة قريبة وكمان هى اللى بتعمل الاعلانات للشركة يعنى الموضوع ممكن اعجاب مش للدرجة اللى فى دماغك دى سلام بقى
خرج شهاب من الغرفة بعد أن ترك شقيقته تفكر فيما سمعته منه فالخوف تسرب بداخلها فهى تخشى عليه من الوقوع فريسة بين يد تلك المرأة التى يبدو عليها انها متمرسة فى أمور الحياة بينما شهاب مازال لم يصل الى الحد الذى يفرق به بين البشر فربما يشهد له الجميع بذكاءه فى العمل بينما فى الحياة ربما مازال يفتقر الى الخبرة التى تؤهلة للتعامل مع سيرين و غيرها ، ترك ميرا الغرفة فهى تذكرت الآن انها كانت جاءت الى شقيقها للتحدث معه فهى لا تجد من تشكى له ما بداخلها فوالداها فى عمله ووالداتها مشغولة بوضعها الاجتماعى وحياة الرفاهية حتى شقيقها لا يبالى أيضاً فكأن كل منهم يعيش بكوكب بعيد عن الآخر ، وصلت ميرا الى حديقة المنزل وجدت أيسر جالسا على مقعد يريح رأسه علي طرفه مغمض العينين الا انه سمع وقع الاقدام فاعتدل فى جلسته قائلا:
– أنسة ميرا
ابتسمت ميرا فأقتربت تجلس على المقعد المجاور له قائلة:
– غريبة انت عرفت ان فى حد قرب منك ازاى انا معملتش أى صوت
ابتسم أيسر بقلة حيلة قائلا:
– أصل بسمع دبة النملة ثم ان شغلتى ان أفضل مصحصح على طول علشان أحرس أسيادى
وجد أيسر لسانه ينطلق بتلك الكلمة فجروحه ثاخنة فمنذ سماع ذلك الشاب وهو يهينه وليس لمرة واحدة بل أكثر من مرة وكأن بداخله نيران ربما التهمت البقية الباقية من تماسكه
عقدت ميرا حاجبيها الانيقين متعجبة مردفة:
اسيادك! مالك يا ايسر فى ايه وبتتكلم كده ليه
نظر اليها برهة ثم أردف:
– قوليلى يا أنسة ميرا لو أنتى مكنتيش غنية واتولدتى فقيرة بس لقيتى ناس كل همهم أنهم يكسروا كبرياءك ويجرحوا كرامتك كنتى عملتى ايه
فكرت ميرا فى كلامه فاجابته قائلة:
– مش هسيب حقى يا أيسر وهدفع كل اللى مس كرامتى التمن غالى حتى لو اخر يوم فى عمرى
ابتسم أيسر بسخرية قائلا:
– انتى بتقولى كده علشان أنتى مش اللى فى الموقف دايما الكلام سهل بس الفعل صعب. صعب أوى كمان فى ناس لازم تسمع وتسكت علشان مفيش فى ايدهم حل تانى بس لو الأوضاع اتقلبت والمظلوم أصبح ظالم مش هيرحم اللى ظلمه
لم تفقه ميرا شئ مما يقوله فهو كأنه يخاطب نفسه ولكنها شعرت بمرارة طغت على نبرة صوته، فهى لا تعلم لماذا اخبرها بهذا الأمر ولكنها لم تنكر شعورها بالسعادة كونه أستطاع ان يتكلم معها بحرية حتى وان كانت لم تفيده بشئ سوى الانصات لما يقوله..!!!
_______
انتهى رضوان وزوجته من ارتداء ملابسهم بعد ان اخبرهم حسام بشأن خطبة عفيفى فدلفت سميرة لغرفة حسام لترى إذا كان انتهى هو الآخر من ارتداء ملابسه فوجدته على وشك الانتهاء فأقتربت منه قائلة:
– عقبال عندك انت كمان يا حبيبى لما افرح بيك يعنى عفيفى هيتجوز وانت مش راضى تتجوز يا حسام الكل يتجوز وانت تفضل قاعدلى كده
ضيق حسام حاجبيه قائلا:
– تيتة هو انا بنت كل شوية تدخلى تسمعينى الكلمتين دول انتى عايزة تزحلقينى ليه علشان تستفردى بجدى
يا مرمر
ربتت سميرة على وجه حسام قائلة:
– مش هتبطل خفة دمك دى بقى يا حسام اقولك يلا بينا نمشى الباب بيخبط شكل عفيفى جه برا
خرجوا من الغرفة وجدوا رضوان فتح الباب ووجدوا عفيفى يرتدى ثياب أنيقة فأقترب منه حسام يمازحه كعادته:
– ايه ياض يا عفيفى الشياكة دى دا انا معرفتكش
شعر عفيفى بالخجل فهو يشعر بحرارة فى وجهه الآن فهتف بصوت منخفض:
– متكسفنيش بقى يا أسطى حسام
فتابع حسام حديثه قائلاً:
– انا نفسى اعرف ايه الكسوف اللى انت فيه ووشك اللى بيحمر ده يا عفيفى استرجل ياض أنت
وكزه جده فى كتفه لكى يكف عن حديثه السخيف:
– دا أسمه حياء يا عديم الحياء
نظر حسام لجده بطريقة درامية مردفاً:
– أنت بتشتمنى يا جدى اه الطعنة متجيش الا من أقرب الناس ليه بس كده يا دنيا وما الدنيا الا مسرح كبير
ضرب رضوان كف بالاخر متعجبا :
– بقولك ايه يا يوسف بيه وهبى ما يلا نمشى ولما نرجع كملنا الفيلم براحتك
خرجوا من المنزل قاصدين منزل عزت والد العروس طرق رضوان الباب، فتح عزت الباب يستقبلهم بحرارة وحفاوة وترحيب،دلفوا الى الداخل جلسوا فى الغرفة المخصصة للضيوف، أحضرت احدى بناته المشروبات لهم ثم انصرفت فجلس عزت مبتسماً لرؤيتهم وخاصة رضوان فكل الحى يبجله لما يتمتع به من سيرة طيبة وسمعة حسنة فهتف عزت بسعادة بالغة:
– منور ياعم رضوان البيت زاد نوره يا كبيرنا
ابتسم له رضوان قائلا:
– تسلم يا عزت انت عارف احنا جايين ليه النهاردة
هز عزت رأسه قائلا:
– ايوة ياعم رضوان الباشمهندس حسام قالى والصراحة هو زينة الشباب ومش هلاقى عريس لبنتى أحسن من الباشمهندس حسام
بصق حسام ما فى فمه بعد سماع حديث عزت عنه بأنه يظن بأنه العريس المرتقب فظل يسعل بشدة ،ربتت جدته على ظهره فهتف حسام وصوته بالكاد مسموعا:
– هو قال ايه يا تيتة هو فاكرنى انا العريس ما تتكلم يا عفيفى يخرب بيتك هو انا اللى هتدبس فى الجوازة
تلعثم عفيفى قائلا:
– ماهو ماهو يا عم عزت اصل هو يعنى
زجره حسام بنظرة غاضبة:
– أنت جاى تتهته هنا انطق هتودينى فى داهية
نقل عزت بصره بينهم وهو لم يفهم شئ مما يحدث إلا ان رضوان تدخل في الحديث قائلا:
– هو يا عزت شكل فى سوء تفاهم هو العريس عفيفى مش حسام عفيفى هو اللى جاى يطلب ايد بنتك وكلم حسام يتوسطله عندك واحنا زى اهله فجايين معاه نخطبهاله
ادرك عزت الآن فداحة تفكيره فحمحم بحرج قائلا:
– اعذرنى يا عم رضوان فهمت الموضوع غلط افتكرت لما الباشمهندس جه كلمنى ان الكلام عليه هو مش على عفيفى
ابتسمت سميرة لعفيفى الذى أصبح وجه يحمل ألوان قوس قزح
– وعفيفى زيه زى حسام وابن حلال واحنا اهله برضه ومش هتلاقى عريس احسن منه يصون بنتك
نظر اليها عفيفى بامتنان على امتداحها له فنظر لعزت يترقب قراره فهتف عزت بابتسامة:
– وأنتوا مجيتكم هنا على راسى وطلبكم ميترفضش وانا موافق ياعم رضوان
نهض عفيفى من مكانه يقترب من عزت يقبله على وجنته يردف بسعادة
– ربنا يخليك ياعم عزت بنتك انا هشيلها فى عينيا الاتنين تسلم يا عم عزت
ظل عفيفى يقبله على وجنتيه حتى دمعت عين الحاضرين من كثرة الضحك على سعادته التى تجلت على وجهه كطفل صغير حصل على أمنيته الغالية فبعد قراءة الفاتحة والاتفاق على الشروط المبدأية للزواج انصرف رضوان وأسرته وعفيفى مازال يثنى عليهم بالدعاء لمساندته ومساعدتهم له فى الاقتران بتلك الفتاة التى كان يمنى نفسه بها منذ أن رأها..!!!
______
طرقت عفاف باب غرفة ثراء فأذنت لها بالدخول فدلفت تحمل بيدها صندوق كرتونى كبير مغلف بشكل جذاب فهتفت ثراء
– ايه ده يا عفاف لمين ده
وضعت عفاف الصندوق على المنضدة تبتسم لها قائلة:
–ده وصل علشانك يا ثراء هانم ومكتوب عليه اسمك والظرف ده كمان جه معاه
تناولت ثراء الظرف من من يدها تقلبه بين يديها
– ماشى شكرا يا عفاف روحى انتى دلوقتى
خرجت عفاف من الغرفة واغلقت الباب خلفها فضت ثراء الرسالة وقرأت محتواها فلم تجد سوى جملة واحدة ” من أجل فاتنتى الصغيرة” عقدت ثراء حاجبيها فأقتربت من ذلك الصندوق فتحته وجدت بداخله ثوب أنيق رفعته ثراء من الصندوق فكان ذو ذوق رفيع ربما صمم خصيصاً ليناسب حجابها فزاد تعجبها أكثر من أرسل لها هذا الثوب إلا انها سمعت صوت هاتفها فوضعته على أذنها لتعلم من يهاتفها فى هذا الوقت فجاءها صوت أمير على الطرف الاخر
–ثراء انا أمير وبليز متقفليش السكة قبل ما أخلص كلامى ارجوكى اولا انا بعتذر ان كنت ضايقتك او تصرفت بأسلوب مش كويس معاكى انا بجد أسف
فردت عليه ثراء قائلة بهدوء:
– ها خلاص خلصت كلام مع السلامة
قبل ان تغلق الهاتف سمعته قائلا:
– أتمنى هديتى تكون عجبتك يا ثراء عيد ميلاد سعيد
اعادت الهاتف إلى أذنها مرة أخرى قائلة:
– هو انت اللى بعت الفستان وكنت بتكلمنى فى التليفون وتقولى يا فاتنتى الصغيرة
أجابها أمير بوضوح قائلا:
– أيوة انا يا ثراء انا من ساعة ما قابلتك فى النادى وانا مش عارف أفكر فى حاجة غيرك بقيتى مسيطرة على تفكيرى
لم تستحسن ثراء ما تسمعه منه فهى لاتريد احد يخبرها بهذا الغزل والمديح سوا شخص واحد فقط فهى تريد أن تسمع منه كلمة واحدة من التى يلقيها على مسامعها أمير ففضلت اغلاق الهاتف ،فلم تتردد ثانية حتى اغلقت الهاتف حتى لا تسمع كلمة اخرى منه،حملت الثوب تلقيه على الأرض فهى لا تريد منه شيئاً فهى لا تريد منه أن يقترب منها ارتدت حجابها فتركت غرفتها تتجه نحو غرفة والديها إلا انها تذكرت ان والديها ليسوا بالمنزل فوالداتها اخبرتها بشأن ذهابهم لزيارة أحد اصدقاء والدها المقربين وجدت نفسها تخرج الى حديقة المنزل فهى ستننظرهم بالحديقة حتى يعودوا ،فى ذلك الوقت كان
أيسر ممددا على فراشه ينشد بعض الراحة ولكن من أين تأتيه الراحة بعد رؤية ذلك الشاب وسماعه أيضاً يصارحها بحبه ،ظل يعتصر رأسه بين يديه ليخفف ذلك الصداع الذى ألم بها من كثرة الحيرة والتفكير لم يخرج من تلك الدوامة الا عندما سمع صوت طرق على باب غرفته فتحامل على جسده ليترك الفراش فهو يشعر بثقل يجعله يجر قدميه جرا فهو حتى غير قادر على فتح جفونه فهو يشعر بصداع عنيف يفتك برأسه، فتح الباب وجدها تقف على الباب تنظر اليه بابتسامة
– ايوة يا أنسة ثراء
خفضت ثراء عينيها أرضا تهتف قائلة:
–أيسر عايزة القطة هقعد فى الجنينة شوية فعايزة اشوفها ممكن
دلف أيسر للداخل يحمل القطة بيده يناولها اياها فأخذتها فى أحضانها تربت عليها تمسد على فراءها فابتسمت له قائلة:
– شكرا يا أيسر شوية وهرجعالك تانى
هز أيسر رأسه بدون ان يتكلم شعرت ثراء بوجود خطب ما فليس من عادته أن لا يرد على أحد يحدثه فهتفت بقلق:
– أيسر مالك انت تعبان ولا ايه
اجابها بصوت متعب قائلا:
– مفيش بس عندى صداع شوية كده وهبقى كويس
إلا ان ثراء لم تقتنع بما قاله
– لو تعبان تحب اجبلك دكتور من المستشفى من عند بابا
رفض أيسر اقتراحها قائلا:
– مفيش داعى ان شاء الله هبقى كويس
الا انها عاودت إلحاحها فهى تخاف ان يكون اصابه مكروه وهو لايفصح عنه فهتفت به ثانية:
– أيسر حقيقى لو أنت تعبان قول او حاسس بحاجة بتوجعك
لم يكن فى وضع يخوله أن يجادل أحد فرأسه الآن على وشك الانفجار حتى الرؤية أصبحت ضبابية فهتف بصوت مترجى قائلا:
– ثراء يا حبيبتى أبوس ايدك انا كويس هم بس شوية صداع وبمسكن هبقى كويس بلاش مناهدة انا مش قادر
تجمدت ثراء مكانها هل سمعته يهتف باسمها مجردا مقترناً به كلمة حبيبتى هل تفوه بذلك الآن ام ان هذا خيال نسجته روحها المشتاقة الى سماع تلك الكلمة منه ،امسك رأسه بكلتا يديه كأنه أدرك الآن فداحة قوله فاسرع يبدى اعتذاره على ما تفوه به
– انسة ثراء انا أسف مش قصدى والله انا مش مركز فى الكلام اعذرينى لو قولت حاجة ضايقتك بس بجد أنا مش قاصد اقول حاجة تضايقك اعتبرى مسمعتيش حاجة الصداع مش مخلينى شايف قدامى ولا عارف بقول ايه
كأنه قص جناحى السعادة التى كانت تحلق بقلبها عاليا الآن بعد سماع تلك الكلمة منه،ففكرت انه ربما حقا ليس مقصده ان يخبرها بتلك الكلمة فهو كان يدلل بها الهرة أيضاً رأت ان تنسحب من أمامه افضل من الوقوف هكذا كالبلهاء
– ألف سلامة عليك عن أذنك
رأها تبتعد دلف الى الداخل يغلق باب الغرفة ليرتمى على فراشه ثانية يغمض عينيه بتعب وإرهاق فهو يريد أن ينام لعل النوم ينسيه جل تلك الهموم التى تراكمت على قلبه وكاهله كتراكم الصخور على الجبال،وجد يده تتسلل اسفل الوسادة يسحب تلك الصورة ظل ينظر اليها بصمت ثم وضعها على صدره يحتضنها بيده وهو يهتف بصوت منخفض
ليه الدنيا بتسرق منى اعز ماليا ليه الدنيا بتبخل عليا بشوية فرحة هو انا انكتب عليا الحزن بس مليش حق فى الفرح ولا كتير عليا
دفن وجهه فى الوسادة يضع ذراعه على وجهه ورأسه كأنه بذلك يخفى معالم الحزن والأسى التى ارتسمت على على وجهه اشبه بنعامة تخفى رأسها فى الرمال خشية من الآخرين ..!!!
______
أشارت زهرة بيدها لاحدى الممرضات لمعرفة سبب تلك الجلبة التى تسمعها بالخارج ففضولها يكاد يقتلها لمعرفة ماذا يحدث خارج الغرفة
– هو فى ايه سامعة صوت دوشة جامدة برا كده بس مش فاهمة فى ايه هو فى حاجة حصلت
تقدمت الممرضة من فراشها قائلة:
– مفيش دول اللى شغالين فى المستشفى بيهنوا الدكتور جمال بعيد ميلاد بنته أصله بكرة وهو فى عيد ميلادها بيصرفلنا مكافأة مالية كبيرة احتفالا بعيد ميلاد الانسة ثراء بنته الوحيدة
تعجبت زهرة قائلة بهمس :
– ياسلام بيصرفلكم مكافأت علشان عيد ميلاد بنته صحيح اللى معاه قرش محيره يجيب حمام ويطيره
أقتربت منها الممرضة تقوم بتغير اللاصقات الطبية الموضوعة على وجهها فأردفت بابتسامة:
– انتى خلاص قربتى تخفى اهو حمد الله على سلامتك
– الله يسلمك
خرجت الممرضة من الغرفة فلمحت زهرة دلوف جمال اليها فابتسمت ابتسامة عريضة فهى منذ ان أتت وهو يأتى يومياً للاطمئنان عليها
– عاملة ايه يا زهرة دلوقتى كويسة
تناول التقرير الطبى يلقى عليه نظرة شاملة يضعه مكانه ثانية فاجابته زهرة
– نحمد ربنا يا دكتور كل سنة وبنت حضرتك طيبة انا عرفت ان عيد ميلادها بكرة عقبال ١٠٠ سنة ان شاء الله
ابتسم جمال مردفاً:
– وأنتى طيبة وبالصحة والسلامة شدى حيلك الشغل مستنيكى عن اذنك
خرج جمال من الغرفة سمعت زهرة رنين هاتفها فوجدت اسم زيزو ينير الشاشة فأغلقت الهاتف بتأفف:
– والله ماهى ناقصة غباوتك انت كمان يا زيزو اقعدلنا فى حتة بقى
ما كادت ان تنهى جملتها حتى وجدته يدلف للغرفة بابتسامته السمجة:
– ازيك يا زهرتى كده تقفلى التليفون فى وشى مكنش العشم يا زهرة كده تقفلى الخط فى وش زيزو حبيبك برضه
نظرت اليه زهرة بحنق فكم تود ان تقوم بخنقه فربما بذلك تتخلص من مطاردته لها فجزت على أسنانها قائلة:
– الله يخرب بيتك انت كل شوية هتطلعلى زى عفريت العلبة وتقرفنى انت موركش حاجة تشغلك وتبعد عنى علشان اشوف مصلحتى حل عنى بقى يا أخى
جلس زيزو بجوارها على حافة الفراش فابتعدت عنه قائلة:
– قوم غور متقعدش جمبى ياض أنت قوم يلا
لم يستمع زيزو لكلامها بل مد ذراعه يحاوط كتفيها فسمعت زهرة وقع اقدام قادمة فقامت بدفعه عنها فسقط زيزو من على الفراش فهمس متألما
– منك لله يا زهرة كده تزقينى على غفلة
اتسعت حدقتيها عندما رأت القادم وابتلعت ريقها بتوتر شديد فهتفت بتلعثم
– اانا والله العظيم كنت….!!!!

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى